الأحد، 21 مايو 2017

هل ما يقال عن الماء والغذاء القاعدي أو ما يسمونه الأكلاين (alkaline) وأثره الصحي صحيح؟



هل ما يقال عن الماء القلوي أو ما يسمونه الأكلاين (alkaline) وأثره الصحي صحيح؟ هل هو أفضل لصحة الجميع بدون استثناء ويحارب امراضاً مثل السرطان وأعراض الشيخوخة؟

شرب الماء القاعدي (القلوي) موضوع أثير إعلامياً وراج بشكل خاص بعد أن غردت أحد مشاهير هووليود المغنية فكتوريا بيكام (وهي زوجة لاعب كرة القدم الإنجليزي ديفيد بيكام لاعب نادي مانشستر يونايتد الإنجليزي سابقًا) عن كتاب طبخ لنظام طعام غذائي قلوي (قاعدي) في يناير 2013 (ولا يخفى عليكم مدى تأثر الجمهور بالمشاهير (كما تعلن كيم كارديشيان في وقتنا الحالي عن عدة أشياء ومنها مشد البطن الذي اثبت الأطباء عدم فاعليته والمشاكل المرتبطة به وأن أثره وقتي زائل وتركنه النساء لسنوات ولكن عدن له بجنون بعد الحملة الإعلانية).


الأس الهيدروجيني الطبيعي للدم في جسم الإنسان (أو لنعبر عنه حامضية الدم) تكون بين 7,35- 7,45. وأي اختلاف طفيف سيسبب أعراض مرضية خطيرة بسبب اختلال هذا التوازن. المسؤول عن تنظيم حامضية الدم عضوين رئيسيين هما:
1-  الرئة (من خلال التنفس المنتظم والتحكم في تركيز ثاني أكسيد الكربون الذي إن زاد عن الحد يجعل الدم حامضياً ويخفض الأس الهيدروجيني).
2-  والكلى بتصفية الدم وإخراج مالا يحتاجه من الأيونات.




الأس الهيدروجيني   

هو مقياس لحامضية أو قلوية السوائل وقيمته تتراوح بين
 صفر إلى أربعة عشر، بشكل مبسط أي محلول أسه الهيدروجيني أقل من سبعة هو حامضي، والمحاليل الأعلى من سبعة قلوية أو قاعدية وما يساوي سبعة يعتبر متعادل كما في الصورة أعلاه.

ورد في مقال  في موقع جامعة مايو كلينك الطبي بخصوص الماء القلوي:

أن ماء الشرب العادي بشكل عام أفضل من الماء القلوي (القاعدي)، لأن أسه الهيدروجيني أقل. وأضافت يقول مؤيدو شرب الماء القلوي بأنه يعادل حامضية الدم ويحسن من عملية الأيض وامتصاص الغذاء بل وحتى محاربة الأمراض ولكن الباحثون لم يؤكدوا هذه الإدعاءات. بعض الدراسات أشارت إلى دور الماء القاعدي في الحفاظ على العظام ولكنها بحاجة إلى مزيد من التحقيقات الدراسية للتأكد من صحة نتائجها.


وفي مقال آخر في موقع كليفلاند كلينك الطبي تقول أخصائية التغذية السيدة تزيروني "بأن الماء القلوي يتم انتاجه في المصانع باستخدام المؤين والذي يقوم بتغيير تركيب الماء فيجعله أكثر حامضية أو قاعدية وذلك بتغيير الأس الهيدروجيني، ويدعي مصنعوه بأنه مضاد للأكسدة لمنع تلف الخلايا ومانع لعوامل التقدم في العمر، ويرفع محتوى الجسم من المعادن ومحسن للهضم وكل تلك الادعاءات لم تثبت بتجارب علمية مناسبة للتحقق منها. 
واجسامنا تقوم بتنظيم الأس الهيدروجيني بشكل أفضل إلا في حالات مرضى الكلى وبعض أمراض الجهاز التنفسي وأضافت "أجسامنا رائعة كآلات لو وجد أي اضطراب في التوازن فلدينا طرق لنصححها)، ولا توجد دراسات تجريبية اثبتت فوائد صحية للماء القلوي ولو وجدت لكانت جديرة بالنقاش". 
وأضيف عند شرب الماء فأنه سيدخل للمعدة أولاً والعصارة المعدية حامضية (أسها الهيدروجيني يتراوح بين 1 و 3,5 تقريباً وقد يصل لأقل من 1 بتركيز 160 مل مولار اي اس هيدروجيني 0.8) لذا سيقوم الحمض المعدي بتغيير الأس الهيدروجيني للماء الذي تم شربه ( في معامل الكيمياء كما ندرس ونطبق من الأساسيات للتغيير الأس الهيدروجيني فحسب كمية الحمض في المعدة ودرجة حموضته سيتحول الماء بشكل كامل إلى حمض ولن يصل للتعادل فقط ومن سبق له أن تقيء أو من هم مصابين بارتجاع بسبب خلل في العضلة العاصرة في المعدة يعلم أن ما يخرج من المعدة شديد الحموضة إلى حد إحداث حرقان في الحلق وتناول الحليب (وهو قاعدي) سيحسن الوضع بشكل مؤقت ولكن سرعان ما تنتج المعدة كمية أكبر من الحمض فيزول التأثير).

طبعاً رافق الإعلان عن فوائد الماء القلوي حملات تجارية عززت هذا المفهوم بمقالات هنا وهناك وبمنتجات عديدة سواءاً من كتب وصفات أو اشربة وأطعمة، أو معدات وأجهزة صغيرة مثل الفلتر تضيف ايونات للماء وتجعله قلوياً (ويدعون أن تأثيرها فيزيائي بتنظيم الشحنات السالبة والموجبة لكن كثير منها تحتوي على مواد ترتشح للماء وتحدث تغييراً فيه حتى في رائحته) وغيرها مما لا يعلم حقيقة فعاليته من عدمه. بل أن هناك أجهزة روج لها لتنقية الماء لهذا الغرض ولكنها واقعاً تنقي فقط ولا تجعل الماء قاعدي. أتذكر أن أحد زميلاتي جلبت لي عينتين لأتأكد هل هما حامضيتان أم قاعديتان وهما:
1-  ماء قد وضعت بداخله فلتر أسطواني اشترته على أساس أنه يحول الماء لقاعدي.
2-   وعينة اخرى من ماء تم تنقيته بواسطة فلتر كبير للمنزل اشترته بمبلغ وقدره.
وعند عمل تجربة بسيطة بواسطة الكواشف للأس الهيدروجيني تبين أن الأول تحول لقاعدي (لكن لا أعلم كم بالضبط هو رقم الأس الهيدروجيني وهل هو ضمن المقبول أم لا، إضافة إلى ذلك رائحة الماء تغيرت وأصبحت تشبه الثوم). العينة الثانية بين الكاشف انها بقيت حامضية ولكن طعم الماء صار أحلى بعد فلترته (لأنه اصلاً من ماء الحنفية العادي وهو بالعادة مالح).

هل ما يقال ان هناك أطعمة نواتجها الأيضية حامضية وأخرى نواتج هضمها قاعدية؟ 

مما يثار من الإدعاءات الغير صحيحة أن النواتج الأيضية للطعام النباتي مثلاً حتى الحمضيات تعطي نواتج أيضية قاعدية، واللحوم تعطي نواتج أيضية حامضية. الهضم وتفكيك الطعام لمركبات أصغرتمهيداً لإمتصاصها عملية كيميائية معقدة بحتة تعتمد على المكونات الأساسية للبروتين مثلاً. فقط خمسة من الأحماض الأمينية العشرين قاعدي (أرجنين، سيستين، هستدين، لايسين، تايروزين)، ونحتاج من الأحماض القاعدية بشكل أساسي اللايسين والهستدين (المرضى الذين يقعون تحت ظرف مرضي شديد يحتاجون الأحماض الأساسية والغير أساسية). واثنان حامضيان (حمض الأسبارتيك، حمض الجلوتاميك). الأحماض الأمينية هي الوحدات الأساسية لتكوين أي بروتين نباتياً كان أو من مصدر حيواني، والأنواع الأساسية هي ما نحتاج كسبه من الطعام ولا يستطيع جسدنا تكوينه.
ما يحتاجه الشخص الطبيعي تسعة من الأحماض الأساسية هي (هستدين، لايسين، ايزوليوسين،ليوسين، ميثيونين،تريبتوفان، ثيرونين، فالين، فينايل ألانين) ولو دققت ستجد ان أول اثنان فقط قاعديان والباقي لا قاعدي ولا حامضي (وهذا يناقض مايدعيه البعض ان الغذاء ذو النواتج الأيضية القاعدية صحي أكثر)
من المعروف أن اللحوم مصدر غني بالأحماض الأمينية الأساسية واي نوع من اللحوم يكفيك ليزودك بالأحماض الأمينية الأساسية  التي لا يستطيع الجسم تكوينها بنفسه بل يمتصها من الطعام، ومن يعتمد على النظام الغذائي النباتي عليه أن ينوع للوجبة الواحدة أكثر من مصدر نباتي ليضمن تكامل وجبته. وقضية الإمتصاص وفيتامين ب12 قصة أخرى بالنسبة للنباتي تحتاج تفصيل في مقال آخر. 
بناءاً على التكوين البايلوجي للحوم والنبات من الأحماض الأمينية فما يشاع ويدعى عن النواتج الأيضية لا أساس له من الصحة علمياً. إذ أن الناتج النهائي لهضم البروتين سواءاً كان نباتياً أم حيوانياً هو حمضي واسمه (α-keto acids) والذي يتم امتصاصه في الجسم ويدخل في تكوين الدهون أو الطاقة (الجلوكوز) أو يدخل في بناء أحماض امينية اخرى ضرورية للجسم.
وعلي ان أنبه ان اللحوم والألبان غذائياٍ يجب ان تشكل الحصة الأقل في نظامنا الغذائي مقارنة بالنشويات والخضار والفواكه لصحة أفضل كما في الهرم التالي تبعا لل USDA


هل الأس الهيدروجيني ثابت في جميع أعضائنا؟

لا طبعاً فهو حامضي في المعدة (وهذا طبيعي وضروري لهضم البروتينات وحماية جهازنا الهضمي من كثير من الميكروبات التي لا تستطيع ان تتكاثر في الوسط شديد الحموضة)، ويتنوع ارتفاعاً وانخفاضاً كما في الصورة


مثال بسيط على أن التغير البسيط في الأس الهيدروجيني أو حامضية الدم يسبب أعراض مرضية واضحه جداً (ابتداء من زيادة التبول، العطش، التعب ووصولاً للإغماء أو حتى الموت)، وانه ليس من المنطقي ان ما نأكله أو نشربه يؤثر تأثير مباشر في حامضية الدم وإلا كنا هلكنا، وانه لو شربنا ماء عادياً أو قاعدياً فأجهزة جسمنا ستقوم بضبط الدم بشكل ذاتي ودون تدخل إلا في حالات الفشل الكلوي ومشاكل التنفس الحادة وارتفاع سكر الدم. عندما يرتفع السكري عند مرضى السكر بسبب انخفاض الأنسولين يرتفع السكر في الدم ويخرج من الخلايا (الأنسولين ينقل السكر من الدم للخلايا أو الأنسجة ليستعمل كطاقة وليس كما يعتقد الناس أنه يخرجه من الجسم) فتظل الخلايا بلا مصدر طاقة فتقوم بحرق الدهون وتكسيرها إلى أحماض دهنية، هذه الأحماض الدهنية تحولها الكبد إلى كيتونات مسببة ارتفاع حامضية الدم وظهور الأعراض.


أعراض الحماض الكيتوني عند مرضى السكري:
عندما تتغير حامضية الدم بشكل بسيط ويصبح الأس الهيدروجيني كالتالي (تذكر أن الأس الهيدروجيني الطبيعي للشخص هو بين 7,35-7,45، وانظر كم هو الفرق):
-       7.25-7.3 يعتبر حماض كيتوني خفيف.
-       7.0-7.24 يعتبر حماض كيتوني متوسط.
-       أقل من 7.0 يعتبر حماض كيتوني خطر.

والأعراض تكون: زيادة في عدد مرات التبول، شعور بالعطش، نهم لتناول الطعام، شعور بالأعياء والتعب، تنفس عميق ومجهد (طبياً يعرف باسم تنفس كسماول (Kussmaul’s respirations))، الغثيان، التقيؤ، ألم في البطن، في بعض الحالات يكون القيء بلون القهوة بسبب حدوث نزيف معدي، وقد يصل إلى الإغماء في بعض الحالات.


كتبته الصيدلانية: سكينة عايش الحرز.





المصادر:

-

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق